إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
57429 مشاهدة print word pdf
line-top
السلامة من الشذوذ

الحديث الشاذ
ثم قال:
(ولم يشذّ أو يعل).


(الشذوذ) مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه أو أكثر منه عددا، فإنّ هذا يُعدُّ حديثا شاذا فلا يقبل، فإذا اتفق الرواة على رواية حديث، ثم رأينا واحدا منهم وكان ثقة قد خالف هذا الجمع الكثير، وأتى بزيادة كلمة انفرد بها، عرفنا أن هذا شاذ، ونقول: إنَّ هذه الزيادة شاذة، فلا تقبل لِعلة احتمال الخطأ، أو لانفراد واحد عن جمع، ومُثّل لذلك بحديث المغيرة في مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- على الخفين؛ حيث رواه عن المغيرة نحو عشرين راويا كلهم قالوا: مسح على الخفين.
وانفرد واحد يُقال له: أبو قيس عن هُزيل بن شرحبيل، عن المغيرة فقال: مسح على الجوربين والنعلين.
فنقول: هذه الرواية راويها عدل وإن كان أبو قيس فيه مقال، كما قال مسلم في التمييز صـ203. وإسنادها متصل، لكنها شاذة، والشذوذ ضعف، فلا يسمى هذا حديثا صحيحا بل يسمى إسناده صحيحا ولكنه شاذ، قد خالف فيه الثقة من هو أكثر منه وأوثق وأضبط وأكثر ملازمة وما أشبه ذلك.

line-bottom